التربية في مواجهة الأثار السلبية للعولمة
تعريف التربية
للتربية دورٌ مهمٌ في حياة المجتمعات والشعوب، فهي عماد التطوّر والبنيان والازدهار، وهي وسيلةٌ أساسيّةٌ من وسائل البقاء والاستمرار، كما أنها ضرورةٌ اجتماعيّةٌ تهدف لتلبية احتياجات المجتمع والاهتمام بها، كما أنها أيضاً ضرورةٌ فرديّةٌ من ضرورات الإنسان، فهي تكوّن شخصيّته وتصقل قدراته وثقافته ليكون على تفاعل وتناسق مع المجتمع المحيط به ليسهم فيه بفعاليّة، ومن هنا شغلت التّربية الكثير من الباحثين والدّارسين على مر العصور، وكان لها قدرٌ لا يُستهان به من الدراسة والتحليل.
التّعريفات القديمة للتّربية:
هناك تعريفات مختلفةٌ ومتعددةٌ للتربية، وعلى مرّ الزمن ظهرت تعريفات مختلفة للعلماء والفلاسفة والمفكرين بسبب اختلاف نظرتهم للإنسان ولفلسفته في الحياة وللمعتقدات التي يعتقدها، ولأنهم ينظرون إليها على أنها قضيّة جدليّة، ومن التعريفات الأساسيّة القديمة للتربية ما يلي:
- تعريف أفلاطون للتربية (427-347 ق.م): (إنّ التربية هي أن تضفي على الجسم والنّفس كل جمال وكمال ممكن لها).
- تعريف رفاعة الطهطاوي (1801-1873 م): (التربية هي التي تبني خُلق الطفل على ما يليق بالمجتمع الفاضل، وتنمّي فيه جميع الفضائل التي تصونه من الرذائل، وتمكّنه من مجاوزة ذاته للتعاون مع أقرانه على فعل الخير).
- تعريف ساطع الحصري (1881-1968 م): (التربية هي تنشئة الفرد قويّ البدن، حسن الخلق، صحيح التفكير، محبّاً لوطنه، معتزاً بقوميّته، مدركاً واجباته، مزوَّداً بالمعلومات اللازمة له في حياته).
- تعريف إسماعيل القبّاني (1898-1963 م): (التّربية هي مساعدة الفرد على تحقيق ذاته حتى يبلغ أقصى كمالاته الماديّة والروحيّة في إطار المجتمع الذي يعيش فيه).
- تعريف هربرت سبنسر (1820-1903 م): (التّربية هي إعداد الفرد ليحيى حياةً كاملةً).
- تعريف جود ديوي (1845-1905 م): (التّربية هي الحياة وهي عمليّة تكيّف بين الفرد وبيئته).
التّعريفات الحديثة للتّربية:
استمرّ العلماء في طرح تعريفاتٍ حديثة لمفهوم التربية كلٌّ بحسب وجهة نظره، ولكن التعريفات مهما تطورّت وتعددت فهي جميعها تشير إلى معاني التقدّم والرُّقيّ والكمال والنمو والتنشئة والتطوّر للأفضل، كما أنها لا تقتصر على فترةٍ زمنيةٍ معيّنةٍ من عمر الإنسان، بل هي عمليةٌ مستمرةٌ معه، ومن التعريفات الحديثة لمصطلح التربية:
- التربية هي عمليّة التكيّف أو التفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها.
- التربية هي عمليّة تضم الأفعال والتأثيرات التي تستهدف نموّ الفرد في جميع جوانب شخصيّته، وتسير به نحو كمال وظائفه عن طريق التكيّف مع ما يحيط به، ومن حيث ما تحتاجه هذه الوظائف من أنماط سلوك وقدرات.
- إنّ التربية هي العمل المنسَّق المقصود الهادف إلى نقل المعرفة، وخلق القابليات، وتكوين الإنسان، والسعي به في طريق الكمال من جميع النواحي وعلى مدى الحياة.
دور التربية في مواجهة مشكلة الأمية الرقمية
تعريف محو الأمية الرقمية في العملية التعليمية؟
يعرّف البعض محو الأمية الرقمية من خلال مهارات البرمجيات العملية التي يحتاج الطالب إلى تعلمها، ويركز آخرون على المهارات الشخصية مثل كيفية البقاء آمنًا على الإنترنت وتتضمن محو الأمية الرقمية الحقيقية كليهما حيث تمزج المعرفة العملية مع التفكير النقدي لمساعدة الطلاب على الوصول إلى المحتوى الرقمي وفهمه وإنشائه.
تتضمن معرفة القراءة والكتابة في وضع عدم الاتصال القراءة والكتابة والقواعد والنحو، وفي الوقت نفسه تتضمن محو الأمية الرقمية العديد من الأدوات والأجهزة والتطبيقات والصور المتحركة والصوت، ويجب أن يتعلم الطلاب كيف يمكن التلاعب بهذا التركيب الرقمي وتنظيمه لخلق المعنى، والتعامل مع ما يرونه بعين ناقدة.
المهارات المطلوبة لمحو الأمية الرقمية في العملية التعليمية:
- يجب أن يتعلم الطلاب التنقل الفعال عبر الإنترنت، وفهم الفروق الدقيقة في البحث، وتمييز المحتوى الجيد
- من السيء، وإدراك أهمية السلامة الإلكترونية.
- يحتاجون أيضًا إلى مهارات عملية، مثل الكتابة ومعالجة الكلمات الشائعة وقدرات العرض التقديمي الفعالة وفهم أدوات تدوين الملاحظات الرقمية ورسم الخرائط الذهنية.
- المعرفة بالتصوير الرقمي وصناعة الأفلام ضرورية أيضًا.
عقبات أمام محو الأمية الرقمية في العملية التعليمية:
مصطلح يستخدم غالبًا لوصف الطلاب المولودين بعد الألفية هو مواطن رقمي، إنه يعني أن الطلاب يفهمون ويمكنهم تسخير الأدوات الرقمية بشكل أفضل من غير المواطنين، لكن قدرتها على التمرير السريع وفتح المتصفحات وممارسة الألعاب واستهلاك محتوى موجود مسبقًا لا ينبغي أن يخلط بينها وبين محو الأمية الرقمية.
وبالمثل في حين أن العديد من معلمين المدارس الابتدائية مرتاحون لاستخدام الأدوات الاجتماعية مثل (Facebook أو Instagram)، فإن هذا لا يجعلهم تلقائيًا أكثر إلمامًا بالقراءة والكتابة الرقمية من الطلاب الذين يقومون بتدريسهم. لمعالجة هذا مطلوب CPD فعالة، ويجب أن يكون قادة المدارس جادين تمامًا في تضمين التكنولوجيا في المناهج الدراسية، وليس فقط في تكنولوجيا المعلومات وهذا يعني تطوير الاستراتيجيات وتنفيذ الأدوات الرقمية وتعزيز التغيير الثقافي.
أهمية محو الأمية الرقمية للمعلم التربوي في العملية التعليمية:
يجب على معلمي جيل اليوم تزويد أنفسهم بالمهارات الرقمية اللازمة لمساعدة الطلاب على أن يصبحوا مواطنين رقميين كما يلي:
- الاستخدام الأمثل لمحركات البحث مثل Google، يمكن للطلاب المعاصرين الذين لديهم اتصال بالإنترنت وحتى الهاتف الذكي العثور على إجابات لجميع أنواع الأسئلة، سواء كانت بسيطة أو معقدة، لكنهم قد لا يفهمون الإجابات، كما أنهم ليسوا على دراية بصحة المعلومات أو المصدر.
- تقع على عاتق المعلم المثقف رقميًا مسؤولية توجيه الطلاب فيما يتعلق بالمصادر الموثوقة والتي يتم تحديثها بانتظام أو ما إذا كانت هناك مواقع مفيدة أخرى مرتبطة بالموضوع، والأهم من ذلك أن المعلومات مكتوبة بلغة أو هدف متحيز.
- المعلم هو الذي يلهم الطالب ليكون مبدعًا ويدفع التفكير العميق والتحليل المنطقي بين الطلاب، وبهذه الطريقة يخرج الطلاب بأفكار أصلية وإجاباتهم، ويجب على المعلم تشجيع الطلاب على الحصول على معرفة شاملة بالبرنامج ذي الصلة.
- يجب أن يكون المتعلمين مواطنين رقميين مثاليين، يقوم الكبار بتعليم الشباب لكي يكبروا ويصبحوا مواطنين مسؤولين في بلد ما وبالمثل يتطلب عالم الويب أيضًا مواطنين خاضعين للمساءلة حتى يتطور بشكل صحي، ومع زيادة عدد الأشخاص الذين يستخدمون الفضاء الرقمي لأسباب مختلفة هناك فرص قوية لحدوث أنشطة غير مشروعة، قد يقع الطلاب أيضًا فريسة لأنشطة مثل الضحايا أو الجناة لأنهم يفتقرون إلى المعرفة الكافية.
- يلعب المعلم دورًا رئيسيًا يمكنه توجيه وتحفيز الطلاب ليكونوا مواطنين رقميين مسؤولين، وبشكل عام تظهر مسألتان رئيسيتان في حالة سوء الاستخدام الرقمي المرتبط بالتعليم: الانتحال الأكاديمي والتسلط عبر الإنترنت.
- يحدث الانتحال الأكاديمي بسبب النسخ العشوائي وتبادل المعلومات من العالم الرقمي، وقد يقوم الطالب بذلك عن غير قصد أو دون أن يكون لديه فهم سليم لمسألة الانتحال، وفي هذه الحالة يجب على المعلم مناقشة الانتحال في بداية الجلسة ووضع قواعد صارمة.
- التسلط عبر الإنترنت هو سلوك منحرف سائد بين الطلاب، ويعتبر التنمر في حد ذاته مصدر قلق كبير في المدارس أو المؤسسات التعليمية في القرن الحادي والعشرين، ويظهر هذا السلوك غير المسؤول في الوسائط الإلكترونية أيضًا، ويجب ردع الطلاب عن الانخراط في مثل هذه الأنشطة، ويجب تقديم المشورة المناسبة لأولئك الذين يتعرضون للتنمر.
- تقليل الفجوة الرقمية، بلدنا دولة نامية ذات تعداد سكاني ضخم، مما يؤدي إلى التقسيم الطبقي الاجتماعي والاقتصادي، لذلك فإن تطوير التكنولوجيا الذي يعد بمثابة نعمة للقلة المتميزة لا يصل إلى نسبة كبيرة من المتعلمين المحتملين هذا يسبب انقسام، ويمكن للمدرس المثقف رقميًا الدفاع عن القضية ومساعدة الحكومة في إيجاد حل لمثل هذه المشكلة الجوهرية.
- تحفيز الاستخدام السليم للوسائط الرقمية يتقن الطلاب استخدام التطبيقات والمواقع المختلفة بشكل جيد للغاية، لكن في كثير من الحالات لا يستطيعون فهم إمكانات التطبيق، وتقع على عاتق المعلم مسؤولية مساعدة الطلاب على استخدام معرفتهم الرقمية بشكل مناسب.
- على سبيل المثال: يستخدم الطلاب (Instagram) لنشر الصور ولكنهم لا يفكرون أبدًا في استخدامه لمشاريعهم، ويستخدمون (TikTok) والتطبيقات المماثلة لتحميل أشياء غير حساسة ولكنهم لا يفكرون أبدًا في استخدامها كأداة صحافة أو لعرض أفضل الممارسات.
- التمييز الإيجابي للطلاب واختيار التطبيق أو الأداة الصحيحة للتدريس، يمكن للمدرس المثقف رقميًا استخدام العديد من التطبيقات والمعلومات المتاحة لنقل تعليم أفضل وأكثر تفصيلاً، مع مراعاة الطلاب المختلفين يمكن للمدرس وضع خطط الدروس وطريقة التسليم التي تناسب كل طالب على حدة.
- يمكن عرض المرئيات على الطالب الذي يصرف انتباهه بسهولة، إذا كان شخص ما أكثر راحة في سماع ما يقوله المعلم فيمكن تقديم أدلة صوتية له، وبالمثل يمكن للمدرس مشاركة المعلومات بناءً على الاحتياجات الفردية وبالتالي الاستفادة من التكنولوجيا.
- يعرف المعلم المثقف رقميًا فصله الدراسي بشكل صحيح، وفي الحالات التي تفرض فيها إدارة المدرسة تطبيقات غير ذات صلة أو برامج خاصة بالثقافة ليتم تضمينها في التدريس في الفصل الدراسي، وقد يشرح المعلم المنطقي إيجابيات وسلبيات استخدام هذه الأداة.
- تحسين التكنولوجيا، يمكن للمدرسين المثقفين رقميًا تقديم اقتراحات مهمة لمطوري التكنولوجيا القائمة على التعليم حول الممارسات التربوية أو موضوعات محددة، وهذا يعزز جودة وكمية البيانات المفيدة للأغراض التعليمية، ويمكن للمعلمين المتعلمين رقميًا مشاركة خبراتهم مع أقرانهم وبالتالي الترقية.
دور التربية في مواجهة تنمية المسئولية الاجتماعية
تعتبر التربية المدنية من أهم الوسائل لتدريب الأفراد على ممارسة حقوقهم وتأدية واجباتهم، وكذلك تحمل المسئولية في المجتمع المحلى لتحقيق تماسك المجتمع. ومن ثم، فهي تسهم في بناء ثقافة اجتماعية وسياسية تنمى لدى الأفراد قيم (الانتماء، المسئولية الاجتماعية، العدل، الديمقراطية).
واستهدف البحث الحالي التعرف على الدور الذي تقوم به المؤسسات التربوية في تنمية الوعي بقيم التربية المدنية، وتم استخدام المنهج الوصفي التحليلي. ومن أهم ما توصل إليه البحث الحالي من استنتاجات:
- التربية المدنية منوطة بتربية الأفراد على مبادئ وقيم المواطنة الصالحة والتي يكون فيها الفرد مدرك لحقوقه وواجباته، ولديه من المهارات والمعارف التي تؤهله للمشاركة في مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية.
- التربية المدنية تكسب الفرد السلوك المدني المنسجم مع قيم المجتمع، وإعداده إعداداً يؤهله للعيش كمواطن صالح يدرك ما له من حقوق، وما عليه من واجبات.
- للمؤسسات التربوية دور كبير في ترسيخ قيم التربية المدنية. الكلمات المفتاحية: المؤسسات التربوية – التربية المدنية – قيم التربية المدنية.
دور التربية في مواجهة مشكلة البطالة
التربية سواء في المنزل أو في المدرسة والجامعة لها دور كبير في الحد من مشكلة البطالة، ويتلخص دور التربية في التخلص من مشكلة البطالة في التالي:
- عندما يتخرج الشاب من الجامعة أو المعهد الذي يدرس فيه يجب أن يتم توجيه للعمل في كافة المجالات المتاحة في الوقت الحالي وعدم الجلوس في انتظار الوظيفة الحكومية.
- يمكن للشاب أن يعمل في أي وظيفة في الوقت الحالي حتى لو كانت غير مناسبة له لحين الوصول إلى مستوى أفضل من الوظائف.
- إذا لم يجد الشاب الوظيفة المناسبة له في الوقت الحالي على الأسرة مساعدة الشاب في أخذ دورات تدريبية في الكمبيوتر أو اللغة الإنجليزية أو غيرها من الدورات التي تحسن دوره في إيجاد وظيفة أفضل له.
- يجب أن تغير الأسرة والشاب من نظرتها لبعض الأعمال الحرفية مثل النجارة، الحدادة، وغيرها من المهن لأن العمل في هذه المهن سوف يكون أفضل بكثير من الجلوس على المقاهي.
- وسائل الأعلام والمدارس لها دور كبير في توعية المواطنين بأهمية الحد من الإنجاب والقيام بتنظيم النسل للتخلص من المشاكل المتعددة التي تحدث بسبب الزيادة السكانية ومنها مشكلة البطالة.
- تقديم الإرشاد المهني والوظيفي للطلاب في مرحلة الجامعة وقبل التخرج حتى يتعرف على كيفية سلك طريقه بعد التخرج بشكل سليم وكيف يقي نفسه من الوقوع في البطالة.
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لتعاونك معنا، سيتم الرد عليك خلال ساعات قليلة إن شاء الله